Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الأنفال - الآية 63

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63) (الأنفال) mp3
قَوْله : " لَوْ أَنْفَقْت مَا فِي الْأَرْض جَمِيعًا مَا أَلَّفْت بَيْن قُلُوبهمْ " أَيْ لِمَا كَانَ بَيْنهمْ مِنْ الْعَدَاوَة وَالْبَغْضَاء فَإِنَّ الْأَنْصَار كَانَتْ بَيْنهمْ حُرُوب كَثِيرَة فِي الْجَاهِلِيَّة بَيْن الْأَوْس وَالْخَزْرَج وَأُمُور يَلْزَم مِنْهَا التَّسَلْسُل فِي الشَّرّ حَتَّى قَطَعَ اللَّه ذَلِكَ بِنُورِ الْإِيمَان كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَاذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْن قُلُوبكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَة مِنْ النَّار فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّن اللَّه لَكُمْ آيَاته لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ " وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَطَبَ الْأَنْصَار فِي شَأْن غَنَائِم حُنَيْن قَالَ لَهُمْ " يَا مَعْشَر الْأَنْصَار أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمْ اللَّه بِي وَعَالَة فَأَغْنَاكُمْ اللَّه بِي وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمْ اللَّه بِي " كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا قَالُوا اللَّه وَرَسُوله أَمَنُّ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " وَلَكِنَّ اللَّه أَلَّفَ بَيْنهمْ إِنَّهُ عَزِيز حَكِيم " أَيْ عَزِيز الْجَنَاب فَلَا يَخِيب رَجَاء مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ حَكِيم فِي أَفْعَاله وَأَحْكَامه . وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو بَكْر الْبَيْهَقِيّ أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْد اللَّه الْحَافِظ أَنْبَأَنَا عَلِيّ بْن بِشْر الصَّيْرَفِيّ الْقَزْوِينِيّ فِي مَنْزِلنَا أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن الْقِنْدِيلِيّ الْإِسْتِرابَاذِيّ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن النُّعْمَان الصَّفَّار حَدَّثَنَا مَيْمُون بْن الْحَكَم حَدَّثَنَا بَكْر بْن الشَّرُود عَنْ مُحَمَّد بْن مُسْلِم الطَّائِفِيّ عَنْ إِبْرَاهِيم بْن مَيْسَرَة عَنْ طَاوُس عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ قَرَابَة الرَّحِم تُقْطَع وَمِنْهُ النِّعْمَة تُكْفَر وَلَمْ يُرَ مِثْل تَقَارُب الْقُلُوب يَقُول اللَّه تَعَالَى " لَوْ أَنْفَقْت مَا فِي الْأَرْض جَمِيعًا مَا أَلَّفْت بَيْن قُلُوبهمْ " وَذَلِكَ مَوْجُود فِي الشِّعْر : إِذَا بَتَّ ذُو قُرْبَى إِلَيْك بِزَلَّةٍ فَغَشَّك وَاسْتَغْنَى فَلَيْسَ بِذِي رَحِمِ وَلَكِنَّ ذَا الْقُرْبَى الَّذِي إِنْ دَعَوْته أَجَابَ وَإِنْ يَرْمِي الْعَدُوّ الَّذِي تَرْمِي قَالَ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْل الْقَائِل : وَلَقَدْ صَحِبْت النَّاسَ ثُمَّ سَبَرْتهمْ وَبَلَوْت مَا وَصَلُوا مِنْ الْأَسْبَاب فَإِذَا الْقَرَابَة لَا تُقَرِّب قَاطِعًا وَإِذَا الْمَوَدَّة أَقْرَب الْأَسْبَاب . قَالَ الْبَيْهَقِيّ لَا أَدْرِي هَذَا مَوْصُول بِكَلَامِ اِبْن عَبَّاس أَوْ هُوَ مِنْ قَوْل مَنْ دُونه مِنْ الرُّوَاة وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق السَّبِيعِيّ عَنْ أَبِي الْأَحْوَص عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُ سَمِعَهُ يَقُول " لَوْ أَنْفَقْت مَا فِي الْأَرْض جَمِيعًا مَا أَلَّفْت بَيْن قُلُوبهمْ " الْآيَة . قَالَ هُمْ الْمُتَحَابُّونَ فِي اللَّه , وَفِي رِوَايَة نَزَلَتْ فِي الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّه . رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْرَكه وَقَالَ صَحِيح وَقَالَ عَبْد الرَّازِق أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ اِبْن طَاوُس عَنْ أَبِيهِ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : إِنَّ الرَّحِم لَتُقْطَع وَإِنَّ النِّعْمَة لَتُكْفَر وَإِنَّ اللَّه إِذَا قَارَبَ بَيْن الْقُلُوب لَمْ يُزَحْزِحهَا شَيْء ثُمَّ قَرَأَ " لَوْ أَنْفَقْت مَا فِي الْأَرْض جَمِيعًا مَا أَلَّفْت بَيْن قُلُوبهمْ " . رَوَاهُ الْحَاكِم أَيْضًا وَقَالَ أَبُو عُمَر وَالْأَوْزَاعِيّ حَدَّثَنِي عَبْدَة بْن أَبِي لُبَابَة عَنْ مُجَاهِد وَلَقِيته فَأَخَذَ بِيَدِي فَقَالَ : إِذَا اِلْتَقَى الْمُتَحَابَّانِ فِي اللَّه فَأَخَذَ أَحَدهمَا بِيَدِ صَاحِبه وَضَحِكَ إِلَيْهِ تَحَاتَّتْ خَطَايَاهُمَا كَمَا تَحَاتُّ وَرَق الشَّجَر . قَالَ عَبْدَة فَقُلْت لَهُ إِنَّ هَذَا لَيَسِير فَقَالَ : لَا تَقُلْ ذَلِكَ فَإِنَّ اللَّه يَقُول " لَوْ أَنْفَقْت مَا فِي الْأَرْض جَمِيعًا مَا أَلَّفْت بَيْن قُلُوبهمْ " قَالَ عَبْدَة فَعَرَفْت أَنَّهُ أَفْقَه مِنِّي وَقَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب حَدَّثَنَا اِبْن يَمَان عَنْ إِبْرَاهِيم الْجَزَرِيّ عَنْ الْوَلِيد بْن أَبِي مُغِيث عَنْ مُجَاهِد قَالَ إِذَا اِلْتَقَى الْمُسْلِمَانِ فَتَصَافَحَا غُفِرَ لَهُمَا قَالَ : قُلْت لِمُجَاهِدٍ بِمُصَافَحَةٍ يُغْفَر لَهُمَا ؟ قَالَ مُجَاهِد أَمَا سَمِعْته يَقُول " لَوْ أَنْفَقْت مَا فِي الْأَرْض جَمِيعًا مَا أَلَّفْت بَيْن قُلُوبهمْ وَلَكِنَّ اللَّه أَلَّفَ بَيْنهمْ " فَقَالَ الْوَلِيد لِمُجَاهِدٍ أَنْتَ أَعْلَم مِنِّي وَكَذَا رَوَى طَلْحَة بْن مُصَرِّف عَنْ مُجَاهِد وَقَالَ اِبْن عَوْن عَنْ عُمَيْر بْن إِسْحَاق قَالَ : كُنَّا نَتَحَدَّث أَنَّ أَوَّل مَا يُرْفَع مِنْ النَّاس الْأُلْفَة وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم سُلَيْمَان بْن أَحْمَد الطَّبَرَانِيّ رَحِمَهُ اللَّه حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن إِسْحَاق التُّسْتَرِيّ حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن عُمَر الْقَوَارِيرِيّ حَدَّثَنَا سَالِم بْن غَيْلَان سَمِعْت جَعْدًا أَبَا عُثْمَان حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَان النَّهْدِيّ عَنْ سَلْمَان الْفَارِسِيّ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِنَّ الْمُسْلِم إِذَا لَقِيَ أَخَاهُ الْمُسْلِم فَأَخَذَ بِيَدِهِ تَحَاتَّتْ عَنْهُمَا ذُنُوبهمَا كَمَا تَحَاتُّ الْوَرَق عَنْ الشَّجَرَة الْيَابِسَة فِي يَوْم رِيح عَاصِف وَإِلَّا غُفِرَ لَهُمَا ذُنُوبهمَا وَلَوْ كَانَتْ مِثْل زَبَد الْبِحَار " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • آداب وأحكام زيارة المدينة المنورة

    هذه الرسالة تبين بعض آداب وأحكام زيارة المدينة المنورة.

    الناشر: دار بلنسية للنشر والتوزيع بالرياض

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/250752

    التحميل:

  • دليل المراسلة الإسلامي

    دليل المراسلة الإسلامي : فإن من نعم الله علينا أن يسر أمر الدعوة ولم يجعله مقتصرًا على العلماء والدعاة وطلبة العلم فحسب، بل جعل نصيبًا لكل من أراد ذلك بحسب جهده ومقدرته.. ومن أسهل وسائل الدعوة وأكثرها تأثيرًا وانتشارًا شراء وإرسال ونشر الكتب الشرعية. وهذه الطريقة التي يستفاد فيها من الموارد المتاحة والظروف المتيسرة ليست بدعًا ولا اختراعًا فقد بدأت مع فجر الإسلام إذ أرسل الرسول - صلى الله عليه وسلم - رسائل إلى كسرى وقيصر والمقوقس وغيرهم. وهاهم ولله الحمد -أبناء الإسلام- يقتفون الأثر ويسيرون على الخطى لنشر هذا الدين عن طريق إرسال الكتب ويخصون بذلك فئة من شباب الإسلام يضعون أسمائهم وعناوينهم في المجلات طمعًا في المراسلة الفارغة فيصلون إليهم قبل أن تصلهم رسائل النصارى والفساق وغيرهم.. فأحببت أن أدل على هذه الطريقة وأوضح أسلوب عملها وأبرز أثرها حتى يهب الأحبة إلى القيام بهذا العمل لما فيه من الأجر العظيم والمثوبة الكبيرة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/218468

    التحميل:

  • إتحاف أهل الإيمان بما يعصم من فتن هذا الزمان

    في هذه الرسالة بعض الأسباب التي تعصم من الفتن.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/209161

    التحميل:

  • مسائل أبي عمر السدحان للإمام عبد العزيز بن باز

    قال فضيلة الشيخ صالح الفوزان - جزاه الله خيراً - « فإنّ مما يجرى أجره على الإنسان بعد موته علمًا يُنتفَع به، وإنّ شيخَنا الجليل الشيخ: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله - قد ورّث علمًا نافعًا - إن شاء الله -، من جملته هذه الفتاوى التي رواها عنه تلميذُه الشيخ الدكتور: عبد العزيز السدحان في مواضيع مختلفة. وقد قرأتُها واستفدتُ منها، وأرجو أن يستفيد منها كلّ من اطلّع عليها، وأن يجري أجرها على شيخنا الشيخ عبدالعزيز وعلى راويها الشيخ: عبدالعزيز السدحان، وصلى الله وسلم على نبينِّا محمد وآله وصحبه ». - وفي هذه الصفحة جزآن من هذه المسائل العلمية النافعة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/233551

    التحميل:

  • حاشية مقدمة التفسير

    حاشية مقدمة التفسير : قد وضع الشيخ عبدالرحمن بن قاسم - رحمه الله - مقدمة في علم التفسير استفادها من مقدمة شيخ الاسلام ابن تيمية - رحمه الله - وجعل عليها حاشية نافعة يستفيد منها الطالب المبتدئ والراغب المنتهي.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/203421

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة