Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة يوسف - الآية 100

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ۖ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) (يوسف) mp3
وَقَوْله " وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْش" قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَغَيْر وَاحِد يَعْنِي السَّرِير أَيْ أَجْلَسَهُمَا مَعَهُ عَلَى سَرِيره " وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا" أَيْ سَجَدَ لَهُ أَبَوَاهُ وَإِخْوَته الْبَاقُونَ وَكَانُوا أَحَد عَشَر رَجُلًا " وَقَالَ يَا أَبَت هَذَا تَأْوِيل رُؤْيَايَ مِنْ قَبْل" أَيْ الَّتِي كَانَ قَصَّهَا عَلَى أَبِيهِ مِنْ قَبْل " إِنِّي رَأَيْت أَحَد عَشَر كَوْكَبًا " الْآيَة وَقَدْ كَانَ هَذَا سَائِغًا فِي شَرَائِعهمْ إِذَا سَلَّمُوا عَلَى الْكَبِير يَسْجُدُونَ لَهُ وَلَمْ يَزَلْ هَذَا جَائِزًا مِنْ لَدُنْ آدَم إِلَى شَرِيعَة عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَحُرِّمَ هَذَا فِي هَذِهِ الْمِلَّة وَجُعِلَ السُّجُود مُخْتَصًّا بِجَنَابِ الرَّبّ سُبْحَانه وَتَعَالَى هَذَا مَضْمُون قَوْل قَتَادَة وَغَيْره وَفِي الْحَدِيث أَنَّ مُعَاوِيَة قَدِمَ الشَّام فَوَجَدَهُمْ يَسْجُدُونَ لِأَسَاقِفَتِهِمْ فَلَمَّا رَجَعَ سَجَدَ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا هَذَا يَا مُعَاذ ؟ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتهمْ يَسْجُدُونَ لِأَسَاقِفَتِهِمْ وَأَنْتَ أَحَقّ أَنْ يُسْجَد لَك يَا رَسُول اللَّه فَقَالَ لَوْ كُنْت آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُد لِأَحَدٍ لَأَمَرْت الْمَرْأَة أَنْ تَسْجُد لِزَوْجِهَا لِعِظَمِ حَقّه عَلَيْهَا وَفِي حَدِيث آخَر : أَنَّ سَلْمَان لَقِيَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْض طُرُق الْمَدِينَة وَكَانَ سَلْمَان حَدِيث عَهْد بِالْإِسْلَامِ فَسَجَدَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَا تَسْجُد لِي يَا سَلْمَان وَاسْجُدْ لِلْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوت وَالْغَرَض أَنَّ هَذَا كَانَ جَائِزًا فِي شَرِيعَتهمْ وَلِهَذَا خَرُّوا لَهُ سُجَّدًا فَعِنْدهَا قَالَ يُوسُف" يَا أَبَت هَذَا تَأْوِيل رُؤْيَايَ مِنْ قَبْل قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا " أَيْ هَذَا مَا آل إِلَيْهِ الْأَمْر فَإِنَّ التَّأْوِيل يُطْلَق عَلَى مَا يَصِير إِلَيْهِ الْأَمْر كَمَا قَالَ تَعَالَى " هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيله يَوْم يَأْتِي تَأْوِيله " أَيْ يَوْم الْقِيَامَة يَأْتِيهِمْ مَا وُعِدُوا بِهِ مِنْ خَيْر وَشَرّ وَقَوْله " قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا " أَيْ صَحِيحَة صِدْقًا يَذْكُر نِعَم اللَّه عَلَيْهِ" وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنْ السِّجْن وَجَاءَ بِكُمْ مِنْ الْبَدْو " أَيْ الْبَادِيَة قَالَ اِبْن جُرَيْج وَغَيْره كَانُوا أَهْل بَادِيَة وَمَاشِيَة وَقَالَ كَانُوا يَسْكُنُونَ بِالْعَرَبَاتِ مِنْ أَرْض فِلَسْطِين مِنْ غَوْر الشَّام قَالَ وَبَعْض يَقُول كَانُوا بِالْأَوْلَاجِ مِنْ نَاحِيَة شِعْب أَسْفَل مِنْ حِسْمَى وَكَانُوا أَصْحَاب بَادِيَة وَشَاءٍ وَإِبِل " مِنْ بَعْد أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَان بَيْنِي وَبَيْن إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيف لِمَا يَشَاء " أَيْ إِذَا أَرَادَ أَمْرًا قَيَّضَ لَهُ أَسْبَابًا وَقَدَّرَهُ وَيَسَّرَهُ" إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيم " بِمَصَالِح عِبَاده الْحَكِيم " فِي أَقْوَاله وَأَفْعَاله وَقَضَائِهِ وَقَدَره وَمَا يَخْتَارهُ وَيُرِيدهُ قَالَ أَبُو عُثْمَان النَّهْدِيّ عَنْ سُلَيْمَان كَانَ بَيْن رُؤْيَا يُوسُف وَتَأْوِيلهَا أَرْبَعُونَ سَنَة قَالَ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد وَإِلَيْهَا يَنْتَهِي قَصّ الرُّؤْيَا رَوَاهُ اِبْن جَرِير وَقَالَ أَيْضًا حَدَّثَنَا عُمَر بْن عَلِيّ حَدَّثَنَا عَبْد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ حَدَّثَنَا هِشَام عَنْ الْحَسَن قَالَ كَانَ مُنْذُ فَارَقَ يُوسُف يَعْقُوب إِلَى أَنْ اِلْتَقَيَا ثَمَانُونَ سَنَة لَمْ يُفَارِق الْحُزْن قَلْبه وَدُمُوعه تَجْرِي عَلَى خَدَّيْهِ وَمَا عَلَى وَجْه الْأَرْض عَبْد أَحَبّ إِلَى اللَّه مِنْ يَعْقُوب وَقَالَ هُشَيْم عَنْ يُونُس عَنْ الْحَسَن ثَلَاث وَثَمَانُونَ سَنَة وَقَالَ مُبَارَك بْن فُضَالَة عَنْ الْحَسَن أُلْقِيَ يُوسُف فِي الْجُبّ وَهُوَ اِبْن سَبْع عَشْرَة سَنَة فَغَابَ عَنْ أَبِيهِ ثَمَانِينَ سَنَة وَعَاشَ بَعْد ذَلِكَ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ سَنَة فَمَاتَ وَلَهُ عِشْرُونَ وَمِائَة وَقَالَ قَتَادَة كَانَ بَيْنهمَا خَمْس وَثَلَاثُونَ سَنَة وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق : ذُكِرَ وَاَللَّه أَعْلَم أَنَّ غَيْبَة يُوسُف عَنْ يَعْقُوب كَانَتْ ثَمَانِي عَشْرَة سَنَة قَالَ وَأَهْل الْكِتَاب يَزْعُمُونَ أَنَّهَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ سَنَة أَوْ نَحْوهَا وَأَنَّ يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام بَقِيَ مَعَ يُوسُف بَعْد أَنْ قَدِمَ عَلَيْهِ مِصْر سَبْع عَشْرَة سَنَة ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّه إِلَيْهِ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق السَّبِيعِيّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَة عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود قَالَ : دَخَلَ بَنُو إِسْرَائِيل مِصْر وَهُمْ ثَلَاثَة وَسِتُّونَ إِنْسَانًا وَخَرَجُوا مِنْهَا وَهُمْ سِتّمِائَةِ أَلْف وَسَبْعُونَ أَلْفًا وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق عَنْ مَسْرُوق دَخَلُوا وَهُمْ ثَلَثمِائَةِ وَتِسْعُونَ بَيْن رَجُل وَامْرَأَة فَاَللَّه أَعْلَم وَقَالَ مُوسَى بْن عُبَيْدَة عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَدَّاد اِجْتَمَعَ آل يَعْقُوب إِلَى يُوسُف بِمِصْرَ وَهُمْ سِتّ وَثَمَانُونَ إِنْسَانًا صَغِيرهمْ وَكَبِيرهمْ وَذَكَرَهمْ وَأُنْثَاهُمْ وَخَرَجُوا مِنْهَا وَهُمْ سِتّمِائَةِ أَلْف وَنَيِّف .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • الرؤيا وما يتعلق بها

    الرؤيا وما يتعلق بها : جمعت في هذه الرسالة ما تيسر من ما يتعلق بالرؤيا من آداب الرؤيا الصالحة وضدها وما يتعلق بها من أنواع التعبير الوارد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والمستنبط من القرآن الكريم.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/209004

    التحميل:

  • عظمة القرآن الكريم وتعظيمه وأثره في النفوس في ضوء الكتاب والسنة

    عظمة القرآن الكريم وتعظيمه وأثره في النفوس في ضوء الكتاب والسنة : يحتوي هذا الكتاب على المباحث الآتية: المبحث الأول: مفهوم القرآن العظيم. المبحث الثاني: القرآن العظيم أنزل في شهر رمضان. المبحث الثالث: عظمة القرآن الكريم وصفاته. المبحث الرابع: تأثير القرآن في النفوس والقلوب جاء على أنواع. المبحث الخامس: تدبر القرآن العظيم. المبحث السادس: فضل تلاوة القرآن اللفظية. المبحث السابع: فضل قراءة القرآن في الصلاة. المبحث الثامن: فضل تعلم القرآن وتعليمه، ومدارسته. المبحث التاسع: فضل حافظ القرآن العامل به. المبحث العاشر:فضائل سور معينة مخصصة. المبحث الحادي عشر:وجوب العمل بالقرآن وبيان فضله. المبحث الثاني عشر: الأمر بتعاهد القرآن ومراجعته. المبحث الثالث عشر: آداب تلاوة القرآن العظيم. المبحث الرابع عشر: أخلاق العامل لله بالقرآن: المبحث الخامس عشر: أخلاق العامل للدنيا بالقرآن. المبحث السادس عشر: أخلاق معلم القرآن.

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/193666

    التحميل:

  • السبيكة الذهبية على المنظومة الرحبية

    متن الرحبية : متن منظوم في علم الفرائض - المواريث - عدد أبياته (175) بيتاً من بحر الرجز وزنه « مستفعلن » ست مرات، وهي من أنفع ما صنف في هذا العلم للمبتدئ، وقد صنفها العلامة أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد الحسن الرحبي الشافعي المعروف بابن المتقنة، المتوفي سنة (557هـ) - رحمه الله تعالى -، وقد شرحها فضيلة الشيخ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك - رحمه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2538

    التحميل:

  • وأنذرهم يوم الحسرة

    وأنذرهم يوم الحسرة : جمع المؤلف في هذه الرسالة آيات تتحدث عن يوم القيامة وما فيه من الجزاء مع ما تيسر من تفسيرها.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/209191

    التحميل:

  • صلاة المسافر في ضوء الكتاب والسنة

    صلاة المسافر في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة في صلاة المسافر بيّنت فيها: مفهوم السفر والمسافر، وأنواع السفر، وآدابه، والأصل في قصر الصلاة في السفر، وأنه أفضل من الإتمام، ومسافة قصر الصلاة في السفر، وأن المسافر يقصر إذا خرج عن جميع عامر بيوت قريته، ومدى إقامة المسافر التي يقصر فيها الصلاة، وقصر الصلاة في منى لأهل مكة وغيرهم من الحجاج، وجواز التطوع على المركوب في السفر، وأن السنة ترك الرواتب في السفر إلا سنة الفجر والوتر، وحكم صلاة المقيم خلف المسافر، والمسافر خلف المقيم، وحكم نية القصر والجمع والموالاة بين الصلاتين المجموعتين، ورخص السفر، وأحكام الجمع، وأنواعه، ودرجاته، سواء كان ذلك في السفر أو الحضر .. ».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1925

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة